سلامٌ عليكم

كان كتابنا مع نادي حظوة لشهر محرّم هو كتاب أوراق الورد لمصطفى صادق الرافعي

ورأيتُ أن أكتب عنه اليوم، حيث أنّه من الكتب التي تُثير في النفس حفيظة الكتابة، ومن يعرفُ أدب مصطفى الرافعي، يعرفُ عن ماذا أتكلم

لأكن صادقة، لم أقرأ الكتاب كلّه، ووقفت عند الصفحة ال١١٥ أو شيءٍ ما حولها، لكنّه من الكتبِ التي لا يُشترطُ قراءتها بتسلسل محض، بل يمكنكِ فتحُ الكتاب عشوائيًا وتخيّر الرسالة التي تقرئينها وقرائتها، والاستمتاع بسيل الصور والخيالات الذي يتدفّق لعقلك لذيذًا عجيبًا

يتحدث الكتاب عن رسائله ورسائلها، ومن حديثي مع رفيقات حظوة عرفتُ أنّ كلّ تلك الرسائل جمعها ورتّبها ونشرها بعد فترة الهجر التي مرّ بها، حيث عاش حزنه لبرهة، ثمّ لمّ شتات نفسه و رسائلهما وأتى لنا بهذا الكتاب الرقيق

لغة الكتاب جياشة، عذبة، بليغة، رقيقة، سلسة

ووجدتني وأنا أقرأ وصف حبيبته عن كتاب الشاعر الفرنسي فكأنما تكلمت عن كتابه هو ، أو كأنما أورد مصطفى وصف حبيبته للكتاب حتى نجدَ في أنفسنا شيئًا نستطيعُ أن نصفَ بهِ كتابه

فقالت حبيبته:  

“روحية الكلام المكتوب يا صديقي هي وحدها التي تجعل الكتاب علماً من العوالم يحمل دنيا مستقلة وإن كان هو يحمل في اليد، ولن بستطيع مؤلف أن يخلق في كتابه هذه الروحية، بل يبثها القارئ فيها يقرأ من ذات صدره أو ذات نفسه: فلا بد للمؤلف الناجح من ثلاث: نوع الكتابة، ونوع الأسلوب، ونوع القراءة؛ ومتى أصاب هذه الثلاث التأم قليله بالكثير، واجتمعت فصوله بالحوادث؛ وتلبست كلماته بالأعمال، ووجد من قرائه تفسيرًا لكل ما يقول؛ فإذا هو قد ارتفعت به الحال فلم يعد كاتبًا ينتظر قراءه بل نبيًا ينتظر المؤمنين به؛ لأنه خارج من إحدى نواحي القلوب، وراجعًا إلى القلوب من ناحية أخرى”

الاسترسال في الكتاب لذيذ جدًا. كلامه للعطر وكلامه عن الابتسامة والنظرات والزهرة وو… جعلني في مرات كثيرة أندهش وأبتسم وأشعرُ بأن سبحان من أعطاهُ ملكةً من الخيال وملكةً من الفصاحة وبالتالي أوتينا نحنُ معه سعةً في الأفق وحلاوةً في العقل والقلب

وفي الوقت نفسه، وجدتُ الكتابَ ثقيلاً في مرّاتٍ عدّة، فلم أستطع إكماله في جلسةٍ واحدة لما يتطلبه مستوى بلاغته وفلسفته وخياله من ذهنٍ صافٍ وبالٍ طويلٍ حتى يتشربه الدماغ وتنتشي به الروح

وفي الوقتِ نفسه، وجدتُ الكتابَ ثقيلًا من جهةٍ أخرى لمبالغته في وصف الحبيبة والحبّ، وعلى أنني كنتُ أعيشُ الدور بين فينةٍ وأخرى ووضعتُ الكثير من الخطوط تحت الرسائل والعبارات التي سأبعثُ بها لأبو الشباب حفظه الله حتى يهديني إياها لأنني أستحق وبجدارة 🌝 إلا أنني وصلتُ لمرحلة الشعور بأنّ ما يُكتب هذا هو كثيرٌ من الدراما البلاغية التي أشبه ما تكون باستعراض من مصطفى رحمه الله للغتهِ وخياله

ووجدتُ فيهِ أيضًا العديد من عباراتِ التصوّف، وأظنني في فترةٍ ما مللتُ من كمّ الحديث عن الحبّ لهذه الدرجة، وكنتُ حين أجدني في هذه الفترة أعرفُ أنّ عليّ أن أغلق الكتاب، وأعود لهُ فيما بعد

ولهذا كما قالت إحدى الرفيقات: لا أظنّ أن شهرًا واحدًا يكفي لقرائته.

وفهمتُ من صويحباتي في حظوة أنّ مصطفى قد كتب في المقدمة (التي مررتُ عليها مرورًا سريعًا) يعدُ ويستعرضُ بأن يكون كتابهُ هذا فريدًا في الحب، لا يشبههُ أيّ كتابٍ آخر

ورأيتني أفكرُ أنّه وإن كانَ لربما كتبَ لحبيبته “أو حبيبتيه كما فهمتُ فيما بعد ” لكنّه ربما في مرّاتٍ كثيرة كانَ يكتبُ شعورًا وفقط، دونَ أن تكون رسالةً حقيقية ، كما يحدثُ للشاعرِ وللكاتب حيث تسيلُ الكلماتُ منهُ دونَ قصد، بل ربما كانَ يشعرُ وهو يكتب بشعورٍ مخالفٍ تمامًا لكنّه يسطّرهُ في كلماتِ الحب، أو الفخر، أو الحزن، أو غير ذلك

رغمَ ذلك، يبقى الكتابُ مليئًا بالاقتباساتِ والعباراتِ التي تقفُ عندها مليًّا:

“ولو كلّ الجميلات في العالم لفظنَ كلمة واحدة ثمّ لفظتها أنتِ لكنت أنت وحدك القادرة على أن تصنع روح الجمال، وروح الحب، وروح المرأة في تلك الكلمة؛ لأن روحي لا تعرف الجمال والحبّ والمرأة إلا فيك! “

“هذه النفس تسأم الحياة، فتريدُ أن تخرج منها وهي فيها، فلا يصنع لها هذه المعجزات إلا الحب “.

” إننا نُسرّ حين تخضع لنا القوّة المُحيطة بنا فتؤاتينا، ونألمُ حين تتمردُ علينا، ولكن يا ويحنا! ألا يجوز أن نكون نحنُ قد تعالينا ففتناها، وتكون آلامنا من سموّها على المادة، كما ترى وجه الفيلسوف عابسًا تحسبه منظر لوعة وهو منظر فكرة سامية؟ “

“ولو رأيتني وأنا أقرأ رسائلك، لرأيت أنك لا تكتبين لي كلامًا، بل تزرعين في الورق زهر أنفاسك.”

“إذا كنتَ تريدني سماءً تستوحيها وتستنزلُ منها ملائكة معانيك، فلماذا تنكرُ عليّ أن يكون لي مع أنواري سحابٌ وظلمةٌ ورعدٌ وبرق؟!”

“فسبحان من علّم آدم الأسماء كلها لينطق بها، وعلّمك أنت من دون أبنائه وبناته السكوت،والسّلامُ عليكِ في أزلية جفائك التي لا تنتهي . أمّا أنا فالسلامُ عليّ يوم ولدتُ ويوم أموت ”

إلى هنا أقفُ في حديثي، إن كنتم قد قرأتم نفس الكتاب فسيسرني أن أقرأ رأيكم ومشاعركم حوله

شكرًا لوقتكم و ألقاكم بإذن الله في خيرٍ وحبّ

أفاتار molarya
Posted by:molarya

.ig-b- { display: inline-block; } .ig-b- img { visibility: hidden; } .ig-b-:hover { background-position: 0 -60px; } .ig-b-:active { background-position: 0

أضف تعليق